نظريات المدرسة السلوكية ...

مرسلة بواسطة نواف الحربي.. On 1:21 ص


لمى الغلاييني
تستمد معظم الأساليب الإدارية في السلوك التنظيمي ممارساتها من نظريات المدرسة السلوكية المقتبسة من نظرية الاستجابة الشرطية التي أرسى دعائمها (إيفان بافلوف)، باعتبار التغيير مشروطا بحدوث المحفز المناسب، ورغم كل الأدلة التي تؤكد عدم فاعلية جهود التغيير القائمة على مفهوم العصا والجزرة والحوافز والتهديدات على المدى الطويل، إلا أنه ما زال الأسلوب الأكثر شيوعا في المنظمات، فالعصا تطول والجزرة تكبر لكن السلوك والنتائج لا يتغيران.
أما الاتجاه الآخر في التحفيز الذي تتبناه مجموعة من خبراء الإدارة وعلماء النفس فهو النموذج الإنساني الذي انتشر في الستينيات على يد كارل روجرز وأبراهام ماسلو، فقد اعتقد هذان العالمان أن الاعتداد بالذات والحاجات الوجدانية والقيم الإنسانية تشكل دعامة أساسية في تغيير السلوك، وعمدا إلى مطالبة الإدارة بالتفهم وحسن الإصغاء لحل مشكلات الموظفين وتطوير المناخ التنظيمي، وكمثل المدرسة السلوكية آنفة الذكر تظل نتائج هذا الأسلوب محدودة وجيدة من الناحية النظرية فقط، وتبقى الحاجة ملحة إلى توفير حلول جديدة لإحداث التغيير في سلوك الأفراد على المدى الطويل، ومن هنا كان لابد من البحث عن اتجاهات أخرى.
حدث ذلك في السنوات الأخيرة من خلال مدخل يركز على أن الحل هو في طرح الأسئلة التي تعمق الرؤية الذاتية الداخلية بدلا من النصح والتلقين المباشر، وأن على القادة الذين يرغبون في إحداث تغيير جوهري في طريقة تفكير الآخرين وتصرفاتهم أن يشجعوا ويدربوا فرقهم على تعميق واكتشاف رؤاهم الداخلية التي لابد أن تنبع من أعماقهم لا أن تقدم لهم جاهزة على طبق من ذهب، فالناس لا يعيشون مشاعر اعتناق الفكرة إلا إذا شكلوا الوصلات الدماغية العصبية لها بأنفسهم، ولهذا فإن لحظة انبثاق الرؤية الداخلية هي لحظة إيجابية بكل معنى الكلمة، حيث يساعد تدفق الطاقة داخل الدماغ على ترسيخ التغيير ومقاومة القوى الداخلية والخارجية المقاومة له، بما في ذلك إفرازات اللوزتين الخاصتين بالمخ، فعلى الرغم من تشابه الناس في نقاط كثيرة فلكل منا تركيبته الهندسية الدماغية المعقدة التي يستحيل معها أن تعرف كيف يفكر الآخرون، ولذا يصبح من المفيد مساعدة كل فرد للوصول بنفسه للنتائج وتقويم أدائه، لأننا حين نمعن التركيز في أمر ما فإننا نعيد تشكيل أفكارنا ومن ثم هوياتنا: من نحن؟ كيف نرى العالم؟ وهو ما يطلق عليه علماء الأعصاب “التشكيل الذاتي المرن للدماغ”.
وقد تمكنت شركة تويوتا من تحقيق مكاسب ملحوظة بعد تبنيها هذه الأفكار في المناخ التنظيمي، حيث يجلس العاملون جلسات يومية أو أسبوعية للتشاور بخصوص الطرق التي يمكن بواسطتها تحسين العمليات، مما يدرب أدمغتهم على تثبيت وصلات عصبية جديدة تهتم بدعم عادات التغيير، ويبدو من المنطقي أنك إذا أخذت صورة أشعة طبقية لأدمغة العاملين فيها حين بدأوا كموظفين جدد وصورة أخرى لأدمغتهم بعد عشر سنوات فستظهر الصورة المسحية أنماطا وأشكالا دماغية مختلفة تماما.
من المجدي للمديرين اليوم قيادة التغيير بمحاولة رسم صورة شاملة للسلوك الجديد المرغوب في عقول العاملين، ثم حث فرق العمل على تركيز انتباهها في ابتكار رؤاها الداخلية لقيادة التغيير بتسهيل الحوار وعمليات العصف الذهني لخلق أفكار ريادية ابتكارية ناتجة من خرائطهم الذهنية، وتكون مهمة المدير التنفيذي المواصلة في تذكير فريقه بمهمتهم الريادية وتنبيههم بكياسة لدى انحرافهم عن المسار الصحيح، وبالنسبة للعديد من المديرين فإن تطبيق هذه الممارسات يمثل تحديا أكبر من قيادة السيارة في الاتجاه المعاكس، ولهذا فما زال التلقي السلبي والتلقين الديكتاتوري هو النمط السائد في تبادل المعلومات الإدارية.
استشارية برامج تمكين المرأة

Category :

0 Response to "نظريات المدرسة السلوكية ..."

إرسال تعليق